زحل (رمزه: Saturn symbol.svg)، واسمه مشتق من الجذر "زَحَل" بمعنى تنحّى وتباعد.[9] ويُقال أنه سمي زحل لبعده في السماء، أما الاسم اللاتيني فهو مشتق من "ساتورن"، وهو إله الزراعة والحصاد عند الرومان،[10][11] ويُمثل رمزه منجل الإله الروماني سالف الذكر.
زحل هو الكوكب السادس من حيث البُعد عن الشمس وهو ثاني أكبر كوكب في النظام الشمسي بعد المشتري، ويُصنف زحل ضمن الكواكب الغازية مثل المشتري وأورانوس ونبتون. وهذه الكواكب الأربعة معاً تُدعى "الكواكب الجوفيانية" بمعنى "أشباه المشتري". يعتبر نصف قطر هذا الكوكب أضخم بتسعة مرّات من ذلك الخاص بالأرض،[12] إلا أن كثافته تصل لثمن كثافة الأرض، أما كتلته فتفوق كتلة الأرض بخمسة وتسعين مرة.[13]
تعتبر الظروف البيئية على سطح زحل ظروفًا متطرفة بسبب كتلته الكبيرة وقوة جاذبيته، ويقول الخبراء أن درجات الحرارة والضغط الفائق فيه يفوق قدرة العلماء والتقنيات الموجودة على إعداد شيء مشابه لها وإجراء التجارب عليه في المختبرات. يتكون زحل بنسبة عالية من غاز الهيدروجين وجزء قليل من الهيليوم، أما الجزء الداخلي منه فيتكون من صخور وجليد محاطٍ بطبقة عريضة من الهيدروجين المعدني وطبقة خارجية غازية.[14]
يُعتقد أن التيار الكهربائي الموجود بطبقة الهيدروجين المعدنية يساهم في زيادة قوة وجاذبية الحقل المغناطيسي الخاص بهذا الكوكب، والذي يقل حدة بشكل بسيط عن ذاك الخاص بالأرض وتصل قوته إلى واحد على عشرين من قوة الحقل المغناطيسي الخاص بالمشتري.[15] سرعة الرياح على سطحه تقارب 1800 كم/س، وهي سرعة كبيرة جداً مقارنة مع سرعة الرياح على سطح المشتري.
يتميز زحل بتسع حلقات من الجليد والغبار تدور حوله في مستوى واحد مما يعطيه شكلاً مميزاً. يوجد واحد وستون قمراً معروفاً يدور حول زحل مع استثناء القميرات الصغيرة،[16] وقد تمّ تسمية 53 قمرًا منها بشكل رسمي. من بين هذه الأقمار، يُعتبر "تايتان" الأكبر، وهو كذلك ثاني أكبر قمر في المجموعة الشمسية، بعد "غانيميد" التابع للمشتري، بل هو أكبر حجمًا من كوكب عطارد، ويُعتبر القمر الوحيد في المجموعة الشمسية ذي الغلاف الجوي المعتبر.[16]
كان جاليليو أوّل من رصد كوكب زحل عن طريق المقراب في سنة 1610، ومنذ ذلك الحين استقطب الكوكب اهتمام محبي علم الفلك والعلماء، فتمّ رصده عدّة مرات تحقق في البعض منها اكتشافات مهمة، كما حصل بتاريخ 20 سبتمبر سنة 2006، عندما التقط مسبار كاسيني هويغنز حلقة جديدة لم تكن مكتشفة قبلاً، تقع خارج حدود الحلقات الرئيسية البرّاقة وبين الحلقتين "ع" و"ي".[17]
وفي شهر يوليو من نفس السنة، التقط ذات المسبار صورة ظهرت فيها الأدلة الأولى على وجود بحيرات هيدروكربونية في القطب الشمالي للقمر تايتان، وقد أكد العلماء صحة هذا الأمر في شهر يناير من عام 2007، وفي شهر مارس من ذات السنة، التقط المسبار صورًا إضافية كشفت النقاب عن بحار هيدروكربونية على سطح ذلك القمر، أكبرها يصل في حجمه لحجم بحر قزوين.[18] كذلك كان المسبار قد ضبط إعصارًا يصل قطره إلى 8,000 كم في القطب الجنوبي لزحل في شهر أكتوبر من سنة 2006.[19]
يظهر زحل بشكل متكرر في الثقافة الميثولوجيا البشرية، ففي علم التنجيم يُقال أن زحل هو الكوكب الرئيسي في كوكبة الجدي، ويلعب دورًا كبيرًا في التأثير على حظوظ مواليد برج الجدي عند مروره في فلكهم، وكان يُقال أنه يؤثر أيضًا على مواليد برج الدلو. كان للرومان احتفال سنوي يُطلق عليه اسم "ساتورنيا"، يُقام على شرف الإله "ساتورن".
أما عن أبرز التمثيلات الإنسانية لزحل في العصر الحالي: عملية زحل، أو عملية زحل الصغير، التي قام بها الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية على الجبهة الشرقية، وخاض خلالها عدّة معارك في شمال القوقاز ضد الجيش النازي. كذلك هناك بضعة تقنيات أطلق عليها مبتكروها تسمية "زحل"، منها سيارات إطلاق الصواريخ الخاصة ببرنامج أبولو الفضائي،[20] وشركة ساتورن المتفرعة عن شركة جنرال موترز، بالإضافة لشركة ساتورن للإلكترونيات، وغيرها.
محتويات
[اعرض]
[عدل] رصد زحل
زحل هو الكوكب الأبعد عن الشمس من بين الكواكب الخمسة المرئية بسهولة بالعين المجردة من الأرض، والكواكب الأربعة الأخرى هي: عطارد والزهرة والمريخ والمشتري، وأحياناً يمكن رؤية أورانوس بالعين المجردة في سماء داكنة جداً، إضافة إلى الكويكب 4 فيستا. وكان آخر الكواكب المعروفة لعلماء الفلك في وقت مبكر حتى تم اكتشاف أورانوس في عام 1781. يظهر زحل للعين المجردة في سماء الليل كنقطة مصفرّة لامعة وعادة ما تملك قدرا ظاهريا يتراوح بين +1 إلى 0، وتصل قيمة هذا القدر في حالات أقصى لمعان إلى -0.24. ويأخذ زحل ما يُقارب 29 سنة ونصف ليُتم دورة كاملة حول الشمس. معظم الناس يحتاجون إلى مساعدات ضوئية (مناظير كبيرة) تُكبر بمقدار لا يقل عن 20× لرؤية حلقات زحل بوضوح.
تكون أوضح رؤية لزحل وحلقاته عندما تكون الزاوية بينه وبين الشمس 180 درجة وبالتالي يظهر عكس الشمس في السماء.[21]
[عدل] زحل عند القدماء
الإله ساتورن على وشك أن يفترس طفله، بريشة إيفان أقيموف، 1802.
عرف الإنسان كوكب زحل منذ عصور ما قبل التاريخ لإمكانية رؤيته بالعين المجرّدة بسهولة.[22] وقد كان في العصور القديمة أبعد الكواكب الخمسة المعروفة في النظام الشمسي، باستثناء الأرض، وبالتالي كان له خواص رئيسية في الأساطير المختلفة. ورصده علماء الفلك البابليون بصورة منتظمة وقاموا بتسجيل تحركاته.[23] وهو في الأساطير الرومانية القديمة يُمثّل الإله ساتورن، ومنه أخذ الكوكب اسمه في عدد من اللغات اللاتينية والجرمانية، وحسب معتقدات الرومان فساتورن هو إله الزراعة والحصاد. وقد كان الرومان يعتبرون أن ساتورن يُقابل الإله اليوناني كرونوس.[10][11]
تنص الميثولوجيا الهندوسية على وجود تسع أجرام فضائية تُعرف باسم نافاجرهاس (بالسنسكريتية: नवग्रह)، يعتبر زحل إحداها ويعرف باسم شاني (بالسنسكريتية: शनि؛ وبالتاميلية: சனி)، وهو من يُحاسب جميع الناس على ما أقدموا عليه من أعمال في الحياة الدنيا، سواء كانت خيّرة أم شريرة.[10] وفي القرن الخامس حدد نص فلكي هندي يحمل عنوان ثريا سيدهانتا قطر كوكب زحل بحوالي 73882 ميل، أي بقيمة أقل بنسبة 1% من القيمة الحقيقة البالغة 74580 ميل.[24]
في حين اعتبر الصينيون واليابانيون القدماء بأن زحل إنما هو نجم للأرض (土星)، وقد استند الفلكيون من هاتين الحضارتين إلى العقيدة الفلسفية التي تقول بأن جميع العناصر الطبيعية تتكون من عناصر الطبيعة الخمسة: النار والتراب والمعدن والخشب والماء.