الحقل المغناطيسي والنواة
اكتشف المسبار بيونير الزهرة المداري سنة 1980 أن الحقل المغناطيسي للزهرة أقل بكثير مما هو للأرض. ويستحث هذه الحقل نتيجة التفاعل بين طبقة الأيونوسفير والرياح الشمسية.[41] بالإضافة إلى فعل الدينامو في النواة الداخلية للكوكب بشكل مشابه لنشوءه في الأرض. يؤدي التأثير القليل للحقل المغناطيسي المستحث للزهرة إلى تأمين حماية قليلة لسطح الكوكب من الأشعة الكونية. وقد ينشأ هذا الإشعاع تفريغ بشكل برق بين سحابتين.[42]
كان اكتشاف بأن الحقل المغناطيسي للزهرة أقل بكثير مماهو للأرض نتيجة مفاجئة وخصوصا بأن هذين الكوكبين متساويين تقريبا بالحجم، وتوقع أيضاً بأن يملكان نفس قيمة الحقل المغناطيسي. يتطلب تاثير الدينامو توافر ثلاث عوامل: السائل الناقل والدوران والحمل. يعتقد أن النواة ناقلة للتيار الكهربائي، وبما أنها تدور غالباً بسرعة قليلة، أثبت محاكاة بواسطة الحاسب أنها كافية لتوليد فعل الدينامو.[43][44] وبالتالي فإن النقص في الحقل المغناطيسي سيعود إلى النقص في الحمل. تحدث عملية الحمل في الأرض في الطبقة السائلة الخارجية من النواة كون الطبقة الداخلية أكثر حرارة من الخارجية. أدى حدث عالمي في كوكب الزهرة إلى إغلاق الصفائح التكتونية مؤديا إلى تقليل جريان الحرارة خلال القشرة. وقد سبب هذا إلى ازدياد حرارة الانصهار، وبالتالي التقليل من الجريان الحراري خارج النواة. ونتيجة لهذا لا يوجد تأثير جيودينامو يقود لنشوء الحقل المغناطيسي وبدل من ذلك فإن الحرارة الداخلية الصادرة من النواة تعيد تسحين القشرة.[45]
لا يوجد للزهرة نواة صلبة،[46] أو لم تبرد نواته حالياً. ولذلك فإن الحرارة للجزء الداخلي السائل من النواة تقريبا متساوي. احتمال آخر لتفسير هذه الظاهرة هو فرضية أن طامل النواة الداخلية للزهرة هي صلبة تماما. تعتمد حالة النواى على تركيز الكبريت وهو حالياً غير معوف.[45]
[عدل] المدار والدوران
VenusAnimation.ogg
الزهرة يدور حول نفسه بعكس اتجاه دوران معظم الكواكب الأخرى في النظام الشمسي حول نفسها.
يدور الزهرة حول الشمس على بُعد متوسّطه هو 108 مليون كم (حوالي 0.7 و.ف)، ويُتم دورة حولها مرة كل 224.65 يوماً. وبالرغم من أن كل المدارات الكوكبية إهليجيّة، فإن مدار الزهرة هو أقربها إلى أن يكون دائرياً، حيث يبلغ شذوذه المداري أقل من 0.01. عندما يقع الزهرة بين الأرض والشمس (ويُسمى موقعه حينها "الاقتران الأدنى") فإنه يكون أقرب الكواكب إلى الأرض (وحتى عندما تقترب الأرض إلى أقصى حد من الكواكب الأخرى تكون أبعد مما هي عليه عند الاقتران الأدنى بالزهرة)، حيث يقع على بُعد من الأرض متوسطه 41 مليون كم عند هذا الاقتران. ويصل الكوكب إلى "الاقتران الأدنى" مرة كل 584 يومًا بالمتوسط.[1][47] لكن بسبب الشذوذ المداري المتناقص لكلا الأرض والزهرة فإن أدنى مسافة بينهما سوف تُصبح أكبر مستقبلاً. فمن الأعوام 1 إلى 5383 سوف يكون هناك 526 اقتراباً أدنى من 40 مليون كم، لكن بعد ذلك فلن يكون هناك أي منها لحوالي 6,200 سنة.[48] وخلال الفترات التي سيكون فيها الشذوذ أكبر يُمكن أن يصل الزهرة إلى قرب 38.2 مليون كم من الأرض.[1]
يُلاحظ عند نظر المرء من فوق القطب الشمالي للشمس (حيث أنه لو نظر من تحته فسوف تنعكس اتجاهات الدوران) فإن اتجاه دوران كل الكواكب حول الشمس سوف يكون بعكس اتجاه عقارب الساعة، وستدور أيضًا كل الكواكب حول نفسها بعكس اتجاه عقارب الساعة - ما عدا استثناء واحد، حيث أن الزهرة يدور حول نفسه باتجاه عقارب الساعة في حركة تراجعيّة. مدة الدوران المحوري للزهرة (أي الدوران حول نفسه) حاليًا تمثل حالة متوازنة بين قوى المد والجزر الجذبويّة من الشمس التي تكبح دورانه، والمد والجزر الجويّ عليه الذي يسبّبه تسخين الشمس للغلاف الجوي السميك للزهرة. ربما كان الزهرة يملك انحرافاً ومدة دوارن مختلفين عندما وُلد من السديم الشمسي، ثم تحوّل إلى وضعه الحالي بسبب تغيّرات نتجت عن الاضطراب الكوكبي وتأثيرات المد والجزر على غلافه الجوي السميك والكثيف. ومن المرجح أن هذا التغير في مدة الدوران المحوري حدث تدريجياً على مدى مليارات السنين.[49][50]
مقارنة لأحجام ومدارات الكواكب الصخرية، من اليمين إلى اليسار: المريخ - الأرض - الزهرة - عطارد.
يُتم الزهرة دورة حول نفسه مرة كل 243 يومًا أرضيًا، وبهذا فهو يملك أبطأ مدة دوران من بين جميع كواكب النظام الشمسي على الإطلاق. يدور سطح الزهرة بسرعة 6.5 كم/س عند استوائه، في حين أن سرعة دوران الأرض حول نفسها عند خط استوائها هي 1,670 كم/س.[51] وبذلك فيأخذ اليوم الفلكي (en) الزهريّ مدة أطول من السنة الزهريّة (243 يومًا أرضيًا للدوران المحوري و224.7 للدوران حول الشمس). لكن وبسبب الحركة التراجعية للزهرة فإن اليوم الشمسي عليه أطول بشكل ملحوظ من اليوم الفلكي. فلراصد على سطح الزهرة الوقت بين كل شروقين للشمس سوف يكون 116.75 يومًا أرضيًا (وهذا يجعل اليوم الشمسي للزهرة أقصر منه على عطارد، حيث يبلغ ذاك 176 يومًا أرضيًا). وإضافة إلى هذا، فستشرق الشمس من الغرب وستغرب في الشرق (وذلك بسبب دورانه العكسيّ حول نفسه). ويبلغ طول سنة الزهرة 1.92 يومًا زهرويًا كنتيجة ليومه الشمسي الطويل نسبيًا.[52]
وهناك ظاهرة غريبة في مدة الدوران المحوريّ وحول الشمس للزهرة، حيث أن متوسط الفاصل بين كل اقترابين له من الأرض هو 584 يومًا أرضيًا، وهذا ما يُساوي بالضبط تقريبًا 5 أيام شمسية زهريّة. ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه العلاقة ناشئة بمحض الصدفة أم كنتيجة لكبح قوى المد والجزر بينه وبين الأرض.[53]
[عدل] عبور الزهرة
Crystal Clear app kdict.png مقال تفصيلي :عبور الزهرة
هي ظاهرة فلكية يسببها مرور الزهرة بين الشمس والأرض، فتبدو كنقظة سوداء صغيرة عابرة قرص الشمس. يقاس هذا العبور وأمثاله عادة بالساعات. العبور الماضي الذي جرى عام 2004م وكذلك العبور القادم في سنة 2012م لهما من الطول نحو 6 ساعات. يشبه العبور الكسوف الذي يسببه مرور القمر بين الأرض والشمس، ومع أن الزهرة أكبر من القمر بأربع مرات تقريباً إلا أن المسافة التي تفصلها عن الأرض تجعلها تبدو صغيرة للعيان. لقد ساهمت عمليات الرصد التي تابعت عبور الزهرة في حساب المسافة بين الشمس والأرض باستخدام قانون اختلاف المنظر. ويحدث عبور مشابه هو عبور عطارد لكنه صعب الرصد لأنّ عطارد أصغر حجماً من الزهرة وأقرب منها إلى الشمس وبالتالي أبعد عن الأرض.[54][55]
يعتبر عبور الزهرة أحد أكثر الظواهر الفلكية الدورية ندرة، إذ تتكرر في دورة مدتها 243 سنة، بعبورين يفصل بينهما 8 سنوات ثم آخر بعد 121.5 سنة، يليه آخر بعد 105.5 سنة. قبل عبور عام 2004 وقع آخر عبور عام 1874 و 1882، لاحقاً للعبور القادم بعد عام 2012، ستعبر الزهرة عام 2117 ثم 2125. (عبوران يفصل بينهما 8 سنوات) ثم تمر 121.5 سنة ليحصل عبور وبعد 8 سنوات يقع عبور آخر، وهكذا.[56]
يمكن مراقبة عبور كوكب الزهرة بأمان من خلال اتخاذ الاحتياطات نفسها التي تستخدم عند مراقبة كسوف الشمس. فقد يسبب التحديق في قرص الشمس بدون حماية للعين ضرر سريع ودائم بالعين.[57]
[عدل] كوكب بلا أقمار
لا يوجد للزهرة أقمار طبيعية. وبعتبر هو وعطارد الكوكبين الوحيدين الذين لا يملكان نظام أقمار. وللإجابة على سبب الشذوذ في هذين الكوكبين أقترحت فرضية في منتصف الستينات من القرن العشرين، بأن عطارد كان قمر للزهرة واستطاع الإفلات من مداره حول الزهرة. وتجري اللآن تجارب عديدة بالمحاكاة بواسطة الحاسوب للتحقق من هذه الفرضية وأسباب الهروب المحتمل. كأن يكون بسبب فعل قوة المد والجزر بين الكوكبين قد تنتج هذا الافلات. أو بسبب تباعد مداري الكوكبين عن بعضهما البعض.[58] لا يملك الزهرة قمرًا طبيعيًا في الوقت الحاضر،[59] بالرغم من أنه يملك تابعًا ظاهريًا (أي أنه يبدو ظاهرياً كأنه تابع دون ارتباط جذبوي حقيقي) هو الكويكب "2002 VE68"، لكن بالرغم من هذا،[60] فقد أعدّت دراسة لنماذج النظام الشمسي المبكر عام 2006 اظهرت أنه من المرجح أن الزهرة كان يملك قبل مليارات السنين قمرًا واحدًا على الأقل، نشأ عن طريق اصطدام ضخم بالكوكب.[61][62] وبعد ذلك بعشرة ملايين سنة وحسب الدراسة نفسها، فقد تسبّب اصطدام آخر بعكس اتجاه دوران الكوكب. وهذا الاصطدام الآخر تسبب باضطراب مدار القمر[63] واصطدامه في النهاية بالزهرة، وقد أدى اصطدام القمر إلى اندماجه مع الزهرة. وإذا كانت الاصطدامات اللاحقة قد ولّدت المزيد من الأقمار فإنها اندمجت بالزهرة بنفس الطريقة. وهنا تفسير بديل لفقدان الأقمار يقترح وجود تأثير قويّ من قوى المد والجزر الشمسية، وهذا يُمكنه أن يُفقد الأقمار التي تدور حول الكواكب الداخلية لاستقرارها