الرصد
أطوار الزهرة والتغير في قطره الظاهري
دائما ما يكون الزهرة ألمع من أكثر الأجرام لمعانا في السماء، ويتراوح قدره الظاهري ما بين -3.8 إلى -4.6.[64] يمكن بسهولة رؤوية هذا الكوكب عندما تكون الشمس تحت خط الأفق، مثل جميع الكواكب السفلية فإنه يتوضع على 47 درجة عن الشمس.[64]
يتجاوز الزهرة الأرض كل 584 يوم في دورانهم حول الشمس.[65] يتغير الزهرة من وضع نجمة المساء الذي يظهر بعد غروب الشمس إلى نجمة الصباح قبل شروق الشمس بقليل. بينما يبلغ عطارد أقصى استطالة عند الزاوية 28 درجة، وغالبا ما يكون تمييزه في الشفق صعب. عندما يكون الزهرة في أقصى استطالة فإنه يبقى واضحا لفترة طويلة بعد غروب الشمس.
تتغير أطوار الزهرة عندما يدور في مداره فتبدو أطواره خلال بالتلسكوب مشابه لأطوار القمر. فيظهر الزهرة على شكل قرص كامل عندما يكون في الجانب المعاكس لاتجاه الشمس، ويظهر بأكبر ربع قرص عندما يكون في أقصى استطالة مع الشمس. ويظهر الزهرة عند رؤيته بالتلسكوب وكأنه محاط بهالة وسبب ذلك وجود غلاف جوي سميك به يقوم بعكس الضوء.[64]
لف الغموض منذ فترة طويلة وجود ضوء شاحب على الجانب المظلم من الكوكب، عندما يرصد هذا الكوكب في مرحلة الهلال. وأول تسجيل لهذا الرصد كان سنة 1643، ولكن لم يكن وجود إنارة كافية لتأكيد موثوق به. وتكهن مراقبون أنها قد تنجم عن النشاط الكهربائي في الجو متعلق بكوكب الزهرة، لكنها قد تكون ولناتجة عن تأثير النفسي للمراقب بسبب الشكل الساطع جدا للهلال.[66]
[عدل] الدراسات
[عدل] الدراسات المبكرة
أثبت اكتشاف جاليللو حول أطوار الزهرة أن الأرض تدور حول الشمس.
عرف الزهرة لدى الحضارات القديمة بنجمة الصباح ونجمة المساء، واعتبرت العديد من الحضارات القديمة أن المشاهدتين الصباحية والمسائية لزحل تعودان لجرمين مختلفين. ينسب تمييز نجمتي الصباح والمساء على أنهما جرم واحد إلى الفيلسوف الإغريقي فيثاغورث وذلك في القرن السادس قبل الميلاد، الذي اعتقد أن الزهرة يدور حول الأرض.[67]
رصد عبور الزهرة لأول مرة في سنة 1032 بواسطة الفلكيين المسلمين، كما استنتج ابن سينا أن الزهرة أكثر قربا من الأرض منه إلى الشمس،[68] وقدر أن الزهرة يكون أحيانا تحت الشمس. كما رصد ابن الشاطر في القرن الثاني عشر نقطتين سوداوتين على وجه الشمس، والذي حدد فيما بعد على أنهمت عبور لعطارد والزهرة للشمس بواسطة قطب الدين الشيرازي في القرن الثالث عشر.[69]
كان غاليليو غاليلي أول من رصد الزهرة بالتلسكوب في أوائل القرن السابع عشر ووجد أن الزهرة يبدي أطوار مثل القمر، ليتغير من شكل هلالي إلى محدب إلى مكتمل ثم بالعكس. فعندما يكون الزهرة في أبعد نقطة عن الشمس في السماء يكون في نصف الطور، بينما عندما يكون في أقرب نقطة من الشمس يكون في الطور الكامل. وهذا يمكن حدوثه فقط إذا دار الزهرة حول الشمس، وبالتالي كانت هذه أول التناقضات مع نموذج بطليموس الجغرافي الذي فرض بأن النظام الشمسي متمركز حول الأرض.[70]
اكتشف الغلاف الجوي للزهرة سنة 1761 من قبل العالم الروسي ميخائيل لومونوسوف.[71][72] ليرصد الغلاف الجوي من قبل العالم الألماني يوهان شروتر سنة 1790، ليلاحظ أنه عندما يكون في الطور الهلالي فإن أحد نهايات الهلال يمتد لأكثر من 180 درجة وحدد ذلك بشكل صحيح أنه نتيجة تبعثر ضوء الشمس من خلال غلاف جوي سميك. رصد العالم الأمركي شيستر ليمان فيما بعد حلقة كاملة حول الجزء المعتم من الزهرة موجدا أدلة إضافية على وجود غلاف جوي للزهرة.[73] أدى وجود الغلاف الجوي إلى تعقيد المهمة في حساب فترة الدوران الذاني للزهرة، مما إلى حسابات خاطئة لكل من جيوفاني كاسيني وشروتر اللذان قدرا أن فترة دوران هي 24 ساعة من علامات متحركة على سطح الزهرة.[74]
[عدل] الدراسة الأرضية الثابتة
كانت الاكتشافات قليلة حول الزهرة حتى القرن العشرين، فهو قرص دائري بدون أي ملامح تذكر ولا توجد أي تلميحات حول شكل سطحه. وبتطور أجهزةجهاز التحليل الطيفي الفلكي والرادار والأشعة فوق البنفسجية تم الكشف عن جزء من أسرار هذا الكوكب. وظهر أول كشف للكوكب بالأشعة فوق البنفسجية في سنة 1920 من قبل فرانك إلموري روز عندما وجد أن الصور الملتقطة بالأشعة فوق البنفسجية كشفت عن تفاصيل أكثر بكثير مما تم إحرازه بالضوء العادي والأشعة تحت الحمراء، وأقترح أن هذا بسبب الطبقة الصفراء ذات الكثافة العالية جدا في الجزء المنخفض من الغلاف الجوي وتعلوها طبقة رقيقة من سحاب القزع.[75]
أعطت الصور الملتقطة بأجهزة التحليل الطيفي قرائن أكثر عن دوران الزهرة. حاول فيستو سيلفر قياس انزياح دوبلر للضوء القادم من الزهرة لكنه لاحظ أنه لايوجد أي دوران، وأرجع ذلك إلى أن الكوكب له فترة دوران أكبر بكثير مما خمن له سابقا.[76] أظهرت الدراسات في سنة 1950 أن دورانه رجعي. أول دراسة بالرادار للزهرة تمت في سنة 1960 وأظهرت أول قيمة مقاسة لفترة دوران الزهرة قريبة من القيمة الحقيقية.[77]
كشف الرصد الرإداري سنة 1970 ولأول مرة تفاصيل عن سطح الزهرة. استخدم لارسال نبضات رإدارية إلى الزهرة باستخدام 300م تلسكوب رإداري بواسطة مقراب أرسيبو الراداري. وكشف الصدى على منطقتين ذات انعكاسية عالية، عرفتا بالمنطقة ألفا والمنطقة بيتا. كما كشف الرصد على منطقة مشعة حددت كجبل سمي بجبل ماكسويل.[78] وهذه المناطق الثلاثة الوحيدة على سطح الزهرة التي لا سميت بأسماء غير أنثوية.[79]
[عدل] الرحلات الفضائية إلى الزهرة
[عدل] المحاولات المبكرة
مارينر 2.
بدأ أول برنامج لاكتشاف الزهرة وفي نفس الوقت كانت أول مهمة كوكبية في 21 فبراير 1961 بإطلاق المسبار فينيرا 1 ضمن برنامج فينيرا السوفيتي. وقد أطلق فينيرا 1 باتجاه مساري مباشر، لكن فقد الأتصال بالمسبار بعد 7 أيام من إطلاق المسبار، حين كان المسبار على بعد 2 مليون كم من كوكب الأرض. وقدر أنه مر على بعد 100000 كيلومتر من كوكب الزهرة في منتصف مايو.[80]
كذلك بدأ البرنامج الأمريكي لاكتشاف الزهرة بشكل سيء، عندما تحطم المسبار مارينر 1 بعد إطلاقه. لكن المهمة التالية مارينر 2 حققت نجاحا كبيرا، لتدخل في 14 ديسمبر من سنة 1962 في مدار الزهرة بعد 109 يوما من انطلاقها، لتكون أول مهمة استكشاف كوكبي ناجح في تاريخ البشرية، وحلقت على ارتفاع 34833 كم من على سطح الزهرة. كشفت أجهزة الأشعة الميكروية والأشعة تحت الحمراء الملحقة بالمسبار على اكتشافات هامة في الوقت الذي كانت فيه السحب العليا للزهرة باردة، ليجد حرارة سطحه عالية جدا لا تقل عن 425 درجة مئوية. لينهي أي أمل في وجود الحياة على سطح هذا الكوكب. كما نجح المسبار مارينر 2 في الحصول على تقدريرات حول كتلته ووحدته الفلكية، إلا أنه لم يكن قادر على تقدير الحقل المغناطيسي أو الحزام الإشعاعي.[81]
[عدل] دخول الغلاف الجوي
فينيرا 4.
نجح المسبار السوفيتي فينيرا 3 في الهبوط على سطح الزهرة في 1 مارس 1966، ليكون أول مركبة فضائية تنجح في الهبوط على سطح كوكب، إلا أنه فشل في الاتصال بالأرض بعض هبوطه وبالتالي لم يرسل أي بيانات عن سطح الزهرة.[82] ليتم اللقاء التالي بين الزهرة والمركبات الفضائية في 18 أكتوبر 1967 عندما نجح فينيرا 4 في دخول الغلاف الجوي للزهرة، والقيام بالعديد من التجارب العلمية. أظهر فينيرا 4 أن حرارة الزهرة أكثر مما قاسه المسبار مارينر 2 بحوالي 500 درجة، كما أن الغلاف الجوي يتكون من أكسيد الكربون بنسبة تتراواح بين 90 و 95%. لقد كان الغلاف الجوي للزهرة ذو كثافة أعلى مما كان يتوقعه مصممي فينيرا 4، ليبطئ من سرعة المظلة المعدة لهبوط فينيرا 4 على سطحه وتنفذ بطاريته. وأظهرت البيانات المرسلة أثناء الهبوط أن الضغط وصل إلى 15 بار على ارتفاع 24.96 كم.[82]
نجح المسبار مارينر 5 في 19 أكتوبر 1967 في التحليق فوق الزهرة على ارتفاع 4000 كم فوق السحب العليا للغلاف الجوي. كان مارينر 5 مصمم أساسا كدعم لمارينر 4 في مهمة إلى المريخ، لكن بعد نجاح المهمة أعيد تصميمه ليتلائم مع مهمة الزهرة. كانت الأجهزة المزودة على متن مارينر 5 أكثر حساسية من تلك التي كانت على متن مارينر 2 وخصوصا جهاز الاستشعار اللاسلكي استطاع الحصول على بيانات حول تركيب وضغط وكثافة الغلاف الجوي للزهرة.[83] تم تحليل البيانات المرصودة من قبل فينيرا 4 ومارينر 5 من قبل فريق علمي سوفيتي - أمريكي مشترك خلال سلسلة من الندوات في السنة التالية.[84] ليكون مثال مبكر على التعاون الفضائي المشترك.[85]
أدت الدروس المستفادة من تجربة فينيرا 4 إلى إطلاق مهمتين فضائيتين هما فينيرا 5 وفينيرا 6 بفاصل زمني بينهما 5 أيام في ديسيمبر 1969. وكان التقائهما مع الزهرة في 16 و 17 مايو من نفس العام. وقد جهزا للعمل تحت ضغط 25 بار كما زودا بمظلة صغيرة للتوازن من أجل تسريع عملية الهبوط. ومنذ ذلك الحين تفترض النماذج حول الغلاف الجوي للزهرة بأن ضغطه يتراوح بين 75 و 100 بار. وقد تحطم كلاهما على ارتفاع 20 كم قبل أن يصلا إلى الجانب المظلم من كوكب الزهرة.[82]
[عدل] دراسة السطح والغلاف الجوي
جهز فينيرا 7 من أجل الحصول على البيانات من على سطح الكوكب وتم تصميم وتشييد هذا المسبار ليستطيع تحمل ضغط جوي يصل إلى 180 بار. يتم تبريد أولي للمسبار قبل دخوله في الغلاف الجوي كما أنه مجز بمظلة شراعية من أجل تسريع الهبوط بخمسة وثلاثون دقيقة. دخل المسبار الغلاف الجوي في 15 ديسمبر من سنة 1970، ويعتقد أن المظلة مزقت بشكل جزئي أثناء الهبوط، ليصطدم المسبار مع سطح الزهرة بشكل قوي ولكن هذا الاصطدام لم يكن محطم للمسبار، وغالبا ما إصطدم المسبار مع سطح الزهرة بشكل جانبي. أرسل المسبار إشارة ضعيفة زودت بمعلومات عن درجة الحرارة لمدة 23 دقيقة، ليكون أول قياس عن بعد تم استقباله من على سطح كوكب آخر.[82]
تابع برنامج فينيرا أرسال بعثاته فأرسل فينيرا 8 الذي أرسل بيانات من سطح الزهرة لمدة 50 دقيقة. ثم تلاهم فينيرا 9 وفينيرا 10 واللذان أرسلا أول الصور من أرض الزهرة. وقد أمن موقعي الهبوط صور لتضاريس مختلفة من على سطح الزهرة. حيث هبط فينيرا 9 على منحدر بزاوية 20 درجة منتشرة حوله صخور بمقاطع ما بين 30-40 سم، بينما هبط فينيرا 10 في أرضية بازلتية تشبه الألواح تتخللها تجاويف ناتجة عن عمليات التجوية.[86]
في هذه الأثناء أرسلت الولايات المتحدة المسبار مارينر 10 إلى مدار الزهرة لينطلق إلى عطارد باندفاع الجاذبية. ليمر في فبراير 1974 على ارتفاع 5790 كم فوق الزهرة مرسلا أكثر من 4000 صورة فوتوغرافية، وكانت هذه الصور من أفضل الصور التي تم الحصول عليها في ذلك الوقت. لتظهر أن ملامح الكوكب لا تظهر في الضوء العادي، لكن كشفت الأشعة فوق البنفسجية معلومات عن سحب الكوكب لم يكن من الممكن الحصول عليها من خلال الرصد الأرضي.[87]
تألف البرنامج الأمريكي مشروع بيونير الزهرة من قسمين منفصلين:[88] بيونير الزهرة المداري وضع في مسار بيضاوي حول الزهرة في 4 ديسمبر 1978 وبقي هناك لأكثر من ثلاثة عشر سنة يدرس الغلاف الجوي ويقوم بترسيم رادري للكوكب. بينما أطلق بيونير الزهرة متعدد المسابير ا ما مجموعه 4 مسابير إلى الغلاف الجوي المحيط بالزهرة وكان هدفه دراسة تركيب الغلاف الجوي للزهرة والرياح والتدفقات الحرارية وقد انطلقت هذه المسابير في 9 ديسمبر 1978.[89]
تم إرسال 4 بعثات أخرى تابعة لمشروع فينيرا الهادف إلى الدراسة الأرضية في السنوات الأربعة التالية. وتم الكشف من خلال فينيرا 11 وفينيرا 12 عن عاصفة كهربائية. بينما هبطت فينيرا 13 وفينيرا 14 وتحركت لمدة أربع أيام على سطح الزهرة من 1 مارس إلى 5 منه من سنة 1982 مرسلة أول صورة فوتوغرافية ملونة لسطح الزهرة. تم الاعتماد على فتح مظلة في جميع المهمات الأربعة، وقد تم فتح المظلة على ارتفاع 50 كم فوق سطح الزهرة. أمن الغلاف الجوي الكثيف الاحتكاك اللازم للحصول على الهبوط الآمن للعربات الفضائية الأربعة. وتم تحليل التربة بواسطة جهاز المطياف وجهاز التحليل باستخدام الأشعة السينية الملحقين بفينيرا 13 وفينيرا 14.[90] لسوء الحظ تحطمت آلة تصوير فينيرا 14 وكسرت عدسته وفشل في القيام بتحاليل التربة.[90] أرسل المسبارين فينيرا 15 وفينيرا 16 في شهر أكتوبر من عام 1983 وتوضعا في مدار حول الزهرة وبدئا بترسيم رإداري لسطح الزهرة باستخدام المجمع الراداري الكوي.[91]
أخذ الإتحاد السوفيتي الأفضلية في سنة 1985 بالقيام بمهمة لدراسة مشتركة لكل من الزهرة ومذنب هالي الذي مر بالقرب من الكواكب الداخلية للمجموعة الشمسية في تلك السنة. للتواجه مركبتان فضائيتان تابعتان برنامج فيجا في مواجهة هالي في الفترة ما بين 11 إلى 15 يونيو من ذلك العام. وعلى غرار برنامج فينيرا تم تحرير مسبارين ليتوازن في الغلاف الجوي بواسطة بالون محققا التوازن على ارتفاع 53 كم حيث كان الضغط ودرجة الحرارة مماثلة لما هي على الأرض، واستمرت المهمة لمدة 46 ساعة لتكتشف أن الغلاف الجوي للزهرة أكثر إضطرابا مما كان متوقعا ويخضع لرياح عاتية ونقل حراري خليوي.[92][93]
[عدل] الترسيم الراداري
صورة رادارية ملتقطة بواسطة المسبار ماجلان (ألوان زائفة).
أطلق المسبار الفضائي ماجلان في 4 مايو 1989 في مهمة تابعة لوكالة ناسا بغرض الرسم الرإداري لسطح الزهرة.[28] الصور الرادرية ذات الدقة العالية التي تم الحصول عليها خلال الأربع سنين ونصف من عمر المهمة كانت ذات جودة تجاوزت جميع الصور في المهمات السابقة، وكانت مماثلة للصور الضوئية للكواكب الأخرى، وقد صور 98% من سطح الزهرة،[94] كما رسم 95% من الحقل المغناطيسي للكوكب. وعند نهاية المهمة في سنة 1994 تم توجيه المسبار إلى الغلاف الجوي للزهرة بغرض قياس كثافته أثناء تحطمه.[95] رصد الزهرة بواسطة المسبارين غاليلو وكاسيني أثناء مهمتهما إلى الكواكب الخارجية فيما بعد. لكن يعتبر ماجلان آخر مسبار أرسل خصيصا إلى الزهرة.[96][97]
[عدل] المهمات الحالية والمستقبلية
رسم تخيلي لإحدى مسبارات الزهرة المستقبلية الخاصة بوكالة ناسا.[98]
تم تصميم وبناء المسبار مصور الزهرة من قبل وكالة الفضاء الأوروبية وأطلق على متن الصاروخ الروسي سويوز في 9 نوفمبر سنة 2005، وقد تمكن في الدخول بنجاح في مدار قطبي حول الزهرة في 11 أبريل 2006.[99] ومهمة المسبار القيام بدراسة تفصيلية حول الغلاف الجوي وسحب الزهرة، كذلك ترسيم بيئة البلازما وملامح سطحه ودرجة حرارته. تمتد مهمته على الأقل لمدة 500 يوم أرضي أو ما يعادل سنتين من سنين الزهرة.[99] وإحدى النتائج التي تم تحقيقها بواسطة هذا المسبار اكتشاف دوامة قطبية مضاعفة في القطب الجنوبي للزهرة.[99]
قام مسبار ميسنجر بالقيام بتحليقين فوق الزهرة في أكتوبر سنة 2006 ويونيو 2007 ليبطئ من مساره ويدخل في مدار عطارد سنة 2011. وقد جمع بيانات علمية في كلا التحليقين.[100] كما سترسل وكالة الفضاء الأوربية مسبار يدعى بيبي كولومبو إلى عطارد وسيقوم المسبار بتحليقين فوق الزهرة في أغسطس سنة 2013 قبل أن يصل عطارد سنة 2019.[101]
أطلقت منظمة بحوث الفضاء اليابانية مهمة باسم أكاتوسوكي في 20 مايو سنة 2010، وتشمل التحقيقات المخطط لها تصوير السطح بكاميرا ذات أشعة تحت الحمراء، كما تهدف إلى تأكيد وجود البرق وتحديد وجود براكين حالية على سطحه.[102] ضمن برنامج الحدود الجديد لوكالة ناسا، أعدت ناسا عربة فضائية تدعى فينوس إن سيتو إكسبلورر لدراسة الظروف السطحية واستكشاف العناصر والمعادن على سطح الكوكب. ستزود العربة بمثقاب لدراسة عينات من الصخور لم تتعرض للظروف السطحية القاسية الموجودة على سطح الكوكب. كما ستطلق روسيا المسبار فينيرا د في سنة 2016 لدراسة الكوكب عن طريق الاستشعار عن بعد إضافة إلى تنزيل عربة فضائية على سطحه.[103]
[عدل] الزهرة عند القدماء
جدول الزهر لأنو وأنليل.
عرف البشر الزهرة منذ عصور ما قبل التاريخ، بما أنه واحد من أكثر النجوم لمعاناً في السماء واكتسب رسوخا في الثقافة الإنسانية. وقد وصف في نصوص الكتابة المسمارية البابلية في جدول الزهر لأنو وأنليل وتصل تاريخ تلك الملاحظات إلى ما قبل سنة 1600 قبل الميلاد.[104] وقد سمى البابليون هذا الكوكب باسم عشتار وهو تمثل للأنوثة وإلهة الحب عندهم.[105]
اعتقد المصريون القدماء بأن الزهرة هو جرمين منفصلين وقد دعو نجمة الصباح باسم "تيوموتيري" ونجمة المساء باسم "كويتي".[106] وكذلك اعتقد الإغريق بحيث دعوا نجمة الصباح باسم "فوسفوروس" (باليونانية القديمة: Φωσφόρος) ونجمة المساء باسم هيسبوروس (باليونانية القديمة: Ἐωσφόρος). أدرك الإغريق في العصر الهلنستي أن كلا الجرمين هما جرم واحد،[107][108] وقد دعوه فيما بعد باسم إلهة الحب "أفروديت".[109] ومن ثم دعى الرومان هذا الكوكب باسم "فينوس" وهو اسم إلهة الحب عند الرومان.[110]
كان الزهرة هاماً لدى حضارة المايا الذين أنشأوا رزنامة دينية واعتمد جزء منها على حركة الزهرة، لتحديد والتنبأ بظواهر مثل الحرب.[111] كما كان الزهرة هاماً لسكان أستراليا الأصليين حيث كان يجتمع حشد منهم بعد غروب الشمس بانتظار ظهور الزهرة، للتعبير عن اتصالهم بمن ماتوا من أحبتهم.[112] كما يعرف الزهرة عند الهنود القدماء باسم "شوكرا" (بالسنسكريتية دولية الأبجدية: शुक्र ،சுக்ரன் ،ಶುಕ್ರ) وهو واحد من تسعة نافرجها، كما هو الحال بالنسبة إلى إله الثروة والمتعة والتكاثر