الغلاف الجوي
انبعثات حرارية لزحل على شكل بقعة ساخنة تظهر أسفل الصورة الملتقطة لجنوب الكوكب.
يتألف الغلاف الجوي الخارجي لكوكب زحل من الهيدروجين الجزيئي بنسبة 96.3% والهليوم بنسبة 3.25%.[38] كما توجد كميات ضئيلة من غازات الأمونيا والأسيتيلين والإيثان والميثان والفوسفين.[39] تتكوّن سحب زحل العليا من بلورات الأمونيا، في حين يبدو أن السحب منخفضة الارتفاع تتكوّن من بيكبريتيد الأمونيوم (NH4SH) أو الماء.[40] كذلك فهناك نسبة ضئيلة من الهيليوم، مقارنة بتلك الخاصة بالشّمس، في جو هذا الكوكب.
إن كمية العناصر الأثقل من الهيليوم في جوّ زحل غير معروفة على وجه التحديد، ولكن تُفترض نسبها بمقارنة مدى وجودها أثناء تشكّل النظام الشمسي. ويقدر إجمالي كتلة هذه العناصر بما بين 19 و31 ضعف كتلة الأرض، ويوجد جزء كبير منها في نواة زحل.[41]
[عدل] طبقات الغيوم
عين عاصفة على زحل.
يشابه غلاف زحل الجويّ ذاك الخاص بالمشتري، لكنه أكثر خفوتاً (من حيث السطوع) وأوسع عند خط الاستواء. أقل طبقات الغيوم ارتفاعاً على زحل هي طبقة من جليد الماء، وهي تمتد لارتفاع 10 كم وتبلغ درجة حرارتها -23ْ مئوية. ومن المرجّح أنه توجد فوق هذه الطبقة طبقة من جليد بيكبريتيد الأمونيوم، والتي تمتد إلى ارتفاع 50 كيلومتراً وتبلغ حرارتها ما يقارب -93ْ مئوية. تمتد طبقة أخرى إلى ارتفاع ثمانين كيلومتراً فوق هذه الطبقة وهي تتألف من جليد الأمونيا، حيث تصل درجة الحرارة فيها إلى ما يقارب -153ْ مئوية. وبالقرب من قمّة الغلاف الجوي، تمتد مساحات من غازي الهيدروجين والهيليوم إلى ارتفاع يتراوح بين 200 و270 كم فوق سحب الأمونيا المرئيّة.[42] تعتبر رياح زحل هي الأسرع في النظام الشمسي. وقد رصد المسبار فوياجر أقصى سرعة للرياح الشرقية والتي بلغت 500 م/ث، أي ما يعادل 1800 كم/س.[43] لم يتم رصد أنواع الغيوم في جوّ زحل أو التعرّف عليها حتى رحلة فوياجر، ومنذ ذلك الوقت، تحسنت المقارب الأرضية بشكل كبير بحيث أصبح العلماء قادرين على مشاهدتها. وتتم سُحُب الغلاف الجوي العلوي حول خط الاستواء دورة حول الكوكب كل عشر ساعات وعشر دقائق، وهو زمن قليل. أما السحب في خطوط العرض العليا فقد تستغرق زمناً يزيد بنصف ساعة على ذلك في مرورها عبر الكوكب.
الصورة الملونة المزيفة التي التقطها مسبار فوياجر 1 لكوكب زحل.
رصد مقراب هبل الفضائي عام 1990 سحابة بيضاء هائلة الحجم في جو زحل قرب خط استوائه، والتي لم تلاحظ أثناء رحلة فوياجر. كما رصدت عاصفة أصغر سنة 1994. وكانت عاصفة عام 1990 مثالاً على البقعة البيضاء العظيمة، وهي ظاهرة نادرة وذات عمر قصير تحدث مرة واحدة في كل سنة زحلية، وهي فترة تعادل 30 سنة أرضية. رصدتت هذه البقعة في أعوام 1876، 1903، 1933، و1960، وبقعة عام 1933 هي الأكثر شهرة من بينها. وفي حال بقي التواتر مستمراً فإن بقعة أخرى ستظهر سنة 2020.[44]
ظهر النصف الشمالي لزحل في الصور الحديثة لكاسيني بلون أزرق ساطع بشكل مشابه لأورانوس، ولا يمكن رصد هذا اللون الأزرق من كوكب الأرض بسبب حجب حلقات زحل لنصفه الشمالي بسبب ظاهرة تبعثر ريليه.[45]
أظهر فلكيّون حديثاً باستخدام الأشعة تحت الحمراء أن زحل يملك دوامات قطبية دافئة، وهذه الظاهرة ليست معروفة إلا على كوكب زحل حتى الآن. وفي حين أن درجة الحرارة على زحل تصل إلى -185ْ مئوية عادةً، فإنها تصل في هذه الدوامات إلى -122ْ مئوية.[46]
[عدل] البقعة البيضاء العظيمة
سميت بشكل مناظر للبقعة الحمراء العظيمة الموجودة على سطح المشتري. وهو اسم يُطلق على العواصف الدورية التي تحدث على سطح زحل ويمكن رؤيتها بواسطة المقرابات الأرضية، وتتميز باللون الأبيض. يُمكن أن تمتد العاصفة على عرض مئات الكيلومترات. تحدث جميع البقع البيضاء العظيمة في النصف الشمالي من زحل،[47] وهي تبدأ بشكل بقع منفصلة لا تلبث أن تمتد بسرعة على خطوط الطول كما حدث سنة 1933 و1990 حيث كانت العاصفة الأخيرة كبيرة كفاية لتطوّق الكوكب. وتفرض بعض النظريات أن سبب نشوء البقع البيضاء هو صعود كميات كبيرة من الغلاف الجوي بفعل عدم الاستقرار الحراري.[48]
[عدل] نمط سحب القطب الشمالي سداسية الشكل
الشكل السداسي للسحب في القطب الشمالي لزحل، والمكتشفة بواسطة صور المسبار كاسينس.
لوحظ شكل السحب سداسيّة الأضلاع المتواجدة في دوامة الغلاف الجوي في القطب الشمالي عند حوالي 78ْ شمالاً لأوّل مرّة بواسطة صور مسبار فوياجر.[49] وخلافاً للقطب الشمالي، أشارت صور مرصد هابل الفضائي إلى وجود تيّارات نفاثة في المنطقة القطبية الجنوبية من الكوكب، ولكن لا توجد دوامات قطبية قوية ولا أي موجة دائمة سداسية.
على الرغم مما سبق، أفادت وكالة ناسا في تشرين الثاني/نوفمبر من سنة 2006 أن المركبة الفضائية كاسيني رصدت بعض الأعاصير في القطب الجنوبي والتي تملك ما يُعرف "بعين الإعصار"، وهي عبارة عن حلقة كبيرة من عواصف رعدية ضخمة.[50] وهذه المشاهدة جديرة بالملاحظة لأنه لم يتم مشاهدة أي عين إعصار في أي كوكب آخر باستثناء الأرض (وكانت قد تمّت سابقاً محاولة فاشلة لرصد هذه الظاهرة في البقعة الحمراء العظيمة على كوكب المشتري).
يبلغ طول الأضلاع الجانبية لسحب القطب الشمالي سداسية الشكل حوالي 13,800 كيلومتر، وتدور كامل المنطقة حول نفسها خلال مدة 10 ساعات و39 دقيقة و24 ثانية. وهي نفس فترة بث أمواج لا سلكية من الكوكب.[51]
[عدل] الحقل المغناطيسي
صورة لزحل التقطها تلسكوب هابل، تُظهر الشفق القطبي الزحلي.
إن الغلاف المغناطيسي لزحل منتظم للغاية، وذلك بسبب وقوع القطبين المغناطيسيين على خط واحد مع قطبي الدوران. تضغط الرياحُ الشمسية جانِبَ الحقل المواجه للشمس، وتعمل على بسط الجانب المحجوب عن هذه الرياح. يُسببُ الدوران السريع للكوكب حول محوره تكوين قرص من التيارات في مستوي خط الاستواء، وهذا يؤثّر بدوره في الحقل المغناطيسي وفي أقسام الغلاف المغنطيسي الأكثر بعداً.[52] لذا فلزحل حقل مغناطيسي بسيط ومتناسق ثنائي القطب. وهو قويّ عند خط الاستواء حيث تبلغ شدته حوالي 0.2 جاوس وتساوي حوالي واحد إلى عشرين من المجال المغناطيسي حول المشتري، وأقل بقليل من المجال المغناطيسي حول الأرض. بالنتيجة فإن مجال زحل المغناطيسي أضغر بكثير من ذلك الذي يَملكه المشتري ويمتدّ قليلاً فقط وراء مدار تايتان.[53] ومن المحتمل أن سبب نشوء المجال المغناطسيي في زحل مشابه لسبب نشوءه في المشتري بسبب طبقة الهيدروجين الجزيئي. ويعمل هذا الغلاف المغناطيسي على حرف الرياح الشمسية.[15] وكذلك يتميز المجال المغناطيسي لكوكب زحل بوجود قطبين شماليّ وجنوبيّ له، ولكنه يُعاكس الأرض في موقعيهما فيُلاحظ البوصلة الأرضية تشير نحو جنوب كوكب زحل الجغرافيّ ليَدل على موقع القطب الشمالي المغناطيسي عليه، أي أن الشمال المغناطيسيّ هو الجنوب الجغرافي، فقطباه المغناطيسيّان بعكس قطبيه الفعليّين. وهذا المجال متطابق تماماً مع محور دوران الكوكب، بينما على الأرض يميل بمعدل 10ْ عن محور دوران الأرض. يُوجد غلاف مغناطيسي منتظم وطبقة متأينة من ذرّات الهيدروجين حول الكوكب. وقد حدد العلماء أن سبب ضعف هذا المجال مقارنة مع المشتري يعود إلى قلة سمك الطبقة السائلة المعدنية من الهيدروجين فيه بالنّسبة لتلك على المشتري.[54]
[عدل] مدار ودوران زحل
متوسط المسافة بين زحل والشمس هي أكثر من 1,400,000,000 كم. مع متوسط سرعة مدارية يَبلغ 9.69 كم/ثانية، يتطلب زحل 10,759 يوماً أرضياً (أو حوالي 29 سنة ونصف) لإنهاء دورة واحدة حول الشمس. ويَميل مداره البيضاوي الشكل بزاوية 2.48° بالنسبة إلى سهل الأرض المداري. وبسبب وجود شذوذ مداري يبلغ 0.056، فالمسافة بين زحل والشمس تختلف بما يُقارب من 155,000,000 كيلومتراً بين الحضيض والأوج.[2]
بما أن كوكب زحل هو عملاق غازي، فإن الزمن الذي يستغرقه للدوران حول محوره ليس ثابتاً، وإنما يعتمد على خط العرض. فالمعالم المرئيّة على زحل تدور بنسب مختلفة تبعاً لخطوط العرض التي تقع عليها، وقد تم حساب فترات دوران متعددة للمناطق المختلفة على الكوكب (كما في حالة المشترى): النظام الأول مدته 10 ساعات و14 دقيقة و00 ثانية (844.3°/د)، ويَشمل المنطقة الاستوائية، والتي تمتد من الحافة الشمالية للحزام الاستوائي الجنوبي إلى الطرف الجنوبي من الحزام الاستوائي الشمالي. وقد تم تعيين جميع خطوط العرض الأخرى لزحل في فترة دوران 10 ساعات و39 دقيقة و24 ثانية (810.76°/د)، وهو النظام الثاني. أما النظام الثالث فهو مبنيّ على انبعاثات الموجات اللاسلكية الصادرة من الكوكب التي رصدتها مركبة فوياجر أثنار اقتراباتها منه، وتبلغ فترة هذا النظام 10 ساعات و39 دقيقة و22.4 ثانية (810.8°/د)، ولأنه قريب جداً من النظام الثاني فقد حلّ محله إلى حد كبير.
ومع ذلك، فإن القيمة الدقيقة للمدة المدارية لباطن الكوكب تبقى محيّرة. في أثناء اقتراب كاسيني من زحل في عام 2004، وجدت المركبة الفضائية أن فترة الدوران اللاسلكية لزحل قد ازدادت بشكل ملحوظ، يُقارب 10 ساعات و45 دقيقة و45 ثانية (± 36 ثانية). وسبب التغيير هذا ليس معروفاً، واعتُقد آنذاك أن السبب يَرجع إلى حركة المصدر اللاسلكي إلى خط عرض زحلي مختلف، أي أنه تغيّر في المدة الدوانية وليس في دوران زحل نفسه.[55]
في وقت لاحق من آذار/مارس عام 2007، وُجد أن دوران الابتعاثات اللاسلكية لم يتأثر بدوران الكوكب، لكنه بدلاً من ذلك نتج عن الحمل الحراري لقرص البلازما، والذي يَعتمد أيضاً على عوامل أخرى بجانب دوران الكوكب. وأفيد أنه قد يكون سبب الاختلاف في فترات الدوران ناتجاً عن نشاط السخّانات على قمر زحل إنقليدس. وبخار الماء المُبتعث إلى مدار زحل من خلال هذا النشاط يُؤثر على غلاف زحل المغناطيسي ويجعله أضعف، وهذا يُبطئ دورانه بشكل طفيف بالنسبة لدوران الكوكب. وحالياً من المُسلّم به أنه لا توجد طريقة معروفة لتحديد معدّل دوران باطن زحل.
آخر التقديرات لفترة دوران زحل كانت في أيلول/سبتمبر 2007، واستندت إلى معلومات مجموعة من مختلف قياسات مسابير كاسيني وفوياجر وبيونير، وهذا التقدير هو 10 ساعات و32 دقيقة و35 ثانية