أكرم بجنات النعيم وأهلها ** إخوان صدق أيما إخوان
جيران رب العالمين وحزبه ** أكرم بهم في صفوة الجيران
هم يسمعون كلامه ويرونه ** والمقلتان إليه ناظرتان
وعليهم فيها ملابس سندس ** وعلى المفارق أحسن التيجان
تيجانهم من لؤلؤ وزبرجد ** أو فضة من خالص العقيان
وخواتم من عسجد وأساور ** من فضة كسيت بها الزندان
وطعامهم من لحم طير ناعم ** كالبخت يطعم سائر الألوان
وصحافهم ذهب ودر فائق ** سبعون الفافوق ألف خوان
إن كنت مشتاقا لها كلفا بها ** شوق الغريب لرؤية الأوطان
كن محسنا فيما استطعت فربما ** تجزى عن الإحسان بالإحسان
واعمل لجنات النعيم وطيبها ** فنعيمها يبقى وليس بفان
أدم الصيام مع القيام تعبدا ** فكلاهما عملان مقبولان
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم ** إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتي المنية بغتة ** فتساق من فرش إلى الأكفان
((يا حبذا عينان في غسق الدجى ** من خشية الرحمن باكيتان))
واغضض جفونك عن ملاحظة النسا ** ومحاسن الأحداث والصبيان
اعرض عن النسوان جهدك وانتدب ** لعناق خيرات هناك حسان
في جنة طابت وطاب نعيمها ** من كل فاكهة بها زوجان
لا تحقرن من الذنوب صغارها ** والقطر منه تدفق الخلجان
وإذاعصيت فتب لربك مسرعا ** حذر الممات ولا تقل لم يان
لا تتبع شهوات نفسك مسرفا ** فالله يبغض عابدا شهواني
ومن استذل لفرجه ولبطنه ** فهما له مع ذا الهوى بطنان
أظمئ نهارك ترو في دار العلا ** يوما يطول تلهف العطشان
لا خير في صور المعازف كلها ** والرقص والإيقاع في القضبان
إن التقي لربه متنزه ** عن صوت أوتار وسمع أغان
وتلاوة القرآن من أهل التقى ** سيما بحسن شجا وحسن بيان
أشهى وأوفى للنفوس حلاوة ** من صوت مزمار ونقرمثان
وحنينه في الليل أطيب مسمعاً ** من نغمة النايات والعيدان
يومُ القيامة لو علمت بهوله ** لفررت من أهل ومن أوطان
يومٌ تشققت السماء لهوله ** وتشيب فيه مفارق الولدان
يومٌ عبوس قمطرير شره ** في الخلق منتشر عظيم الشان
يوم يجيء المتقون لربهم ** وفدا على نجب من العقيان
ويجيء فيه المجرمون إلى لظى ** يتلمظون تلمظ العطشان
والجنة العليا ونار جهنم ** داران للخصمين دائمتان